لم يتبقَّ في ذاكرتي سوى ذكرياتِنا، كأنَّها نقوشٌ محفورةٌ على صخورٍ صلبةٍ، لا يُمحى أثرها مهما مرَّت عليها أعوامٌ وعصفت بها رياح النسيان، أفتحُ صفحاتَ الماضي؛ كمن يسترجع كنزًا دفينًا في صحراءٍ شاسعة، فأرى وجهَك يتلألأ بين طيّات الذكرى، كالبدرِ في ليلٍ دامسٍ، يشعّ نورًا في سوادِ وحدتي.
كلّ ذكرى كأنها واحةٌ في بيداءٍ قاحلةٍ، أستظلُّ بها حين يثقلُ قلبي بالحنين، أسمع ضحكاتك في أصداء الذاكرةِ، كصوت نايٍ يأتي من بعيد، وأشعر بهمساتك كنسيمٍ عليلٍ يُداعب قلبي المرهق.
تلك الذكرياتُ أصبحتْ كالنخيلِ في أرضٍ مجدبة، راسخةً لا تهزّها الرياح، شامخةً رغم غيابك، وكأنَّها تقول لي: "هُنا كنا، وهُنا ضحكنا، وهُنا أحببنا".
هي الذكرياتُ وحدها من بقيت صامدةً في أعماقِ ذاكرتي، مثل جبلٍ قديمٍ عانق السموات، لا يُحرّكها الزمان ولا تفنى مع الأيّام.
_أحمد فايز
التصنيفات :
مبادرة دعم الكُتاب المُستقلة